القرآن وسيلة الانسان:
يمكن أن يقول الانسان انو الدين وسيلة الانسان .. القرآن ما غاية في ذاته، القرآن وسيلة الانسان .. والاسلام، وكل مناشط العبادة فيه، انما هي وسيلة الانسان .. ربنا تبارك وتعالي يقول: (وانزلنا اليك الذكر) القرآن كله .. (لتبين للناس ما نزل اليهم) الشريعة .. (ولعلهم يتفكرون) .. هذا هو المعلول وراء كل علة، لأن الانسان ما ممكن يسير لمقامات الكرامة بدون الفكر، وانما جاء الدين كله ليروض الفكر لئلا ينحرف في تفكيره عن الجادة ..
الدين نقل ما عقل:
في عبارة قد تحتاج لتصحيح .. العبارة دي بتقول أن الدين نقل ما عقل .. الدين نقل وليس عقل .. العبارة دي جيدة اذا عرف مضمارها، لكن كثير من الناس أطلقوها بالصورة الامتهنوا بيها العقل .. أصلوا ما في كرامة الا بالفكر .. وعندما قال ربنا: (هل أتي علي الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ؟؟) انما عني انه قد مضي عليهو زمن طويل لم يكن خلاله عنده عقل .. ونحن ما بنسير لي الله في المسافة .. نحن بنسير لي الله بالعقول .. ربنا أنزل تشاريعه، وأرسل رسله، وأرسل ملائكته، وأعاننا بالوجود دا كله لتنمو عقولنا .. لكن العقول عندها آفة، هي انو العقول بتنحرف ، بتمشي مع المخاوف ، وبتمشي مع الأماني ، التفكير بينحرف .. ونحن عندنا الاسلام جاء، من أول وهلة، وواجه مشكلة الانحراف دي بالحديث النبوي الذي يقول: (لا يؤمن أحدكم حتي يكون هواه تبعاً لما جئت به) .. ثم جات رياضات الدين في عباداته كلها لتقوي الفكر، لتحيد الفكر، ان شئتم، لئلا ينحرف مع الرغبة، وانما هو يطلب الحقيقة كما هي .. ان يطلب الفكر الحقيقة كما هي دا غرض الدين .. فاذا نحن عرفنا لعبارة "الدين نقل ما عقل" حدودها، يبقي نستطيع أن نعطي العقل كرامته .. وما في كرامة بدون العقل .. معني "الدين نقل" انو ما جاءنا من نبينا من تشريعات في أمر عباداتنا الي بها نستطيع أن نحيد عقولنا، وأن نؤدبها، وأن نسيرها في الصراط المستقيم، دا ما موضوع عقل، دا موضوع نقل .. يعني الظهر مثلا أربع ركعات .. ما من العقل ان تقول انت ليه اربع ركعات ؟؟ دا ما معقول .. لا!! دا ينقل فقط، والايمان هو البيسعفك فيهو .. كل ما جاء من نبينا، وبينه لينا في الشريعة، هو ما يجب أن يؤخذ لنعمل بيهو، لتجيء القاعدة: (من عمل بما علم ، أورثه الله علم ما لم يعلم) .. من عمل بما علم من الشريعة نقلا عن النبي تنور عقله بتعليم الله ليهو الحقائق اللدنية .. الحقائق في دقائق الدين، وفي أسرار الوجود، يجدها بفضل الله، ثم بفضل العمل بالشريعة، وهو انما يجدها عن طريق فكره .. فيبقي من ثم أن الفكر المروض هو غرض الدين .. ما يجب أن نظن غير كدا .. اذا نحن جينا للدين بهذا المستوي من الفهم، وعملنا في الدين لنصل الي العقول الصافية، المروضة، القوية، الماشة علي الجادة ، المستقيمة، نستطيع أن نكون سادة الآلة، سادة العلم، ولا يمكن الدين، بهذا المستوي، أن يكون عنده عداوة مع العلم .. ويبقي، بالصورة دي، التنمية الاجتماعية نستعين فيها بكل المناشط العلمية البتجعل التنمية الاقتصادية ممكنة، البتجعل تطبيق الديمقراطية اللي هي الحرية الجماعية ممكنة .. بمثل هذا الفهم بنجعل المجتمع ماشي ليكون الوالد الشرعي للانسان الكامل ..
الفرد سابق علي الاسرة، والاسرة سابقة علي المجتمع:
النقطة دي بتسوقنا الي الاسرة مرة ثانية – الاسرة النحن قبيل بدينا بيها موضوع التنمية .. وفي الحقيقة نحن عندنا التنمية الاجتماعية في غاية الاهمية .. في بعض الناس، لعلكم بتكونوا عرفتوا عنهم، أهو زي، مثلا، بورقيبة .. بورقيبة كان بفتكر ان الصيام معوق للتنمية .. زي جا خبر عنه انو أفتي بأن الناس، من أجل الانتاج، ما يصوموا .. سمعنا نحن بخبر زي دا، ونميل الى عدم تصديقه .. بعض الناس أيضا بفتكروا انو المرأة غير مشاركة في عملية الانتاج في البلاد المتخلفة فيها المرأة – البلاد الاسلامية – والمرأة نصف المجتمع، ولذلك فان التنمية الاجتماعية في هذه البلاد بتكون معطلة .. معلوم ان الاسرة كلها مستهلكة .. كأن نصف المجتمع وحده المنتج، وأما المستهلك فهو النصف البينتج، والنصف الما بينتج .. فكأن انتاجية النصف البينتج ضايعة .. نحن ماشين في الاتجاه الرامي الي أن المرأة يجب أن تشتغل في الانتاج، بقدر ما نحن ماشين في الاتجاه الذي يقرر أن المرأة يجب أن تنهض، ذلك لأن التنمية الاجتماعية غرضها نهضة المجتمع، وتحرير الافراد، والمرأة أكبر مظهر للمجتمع الناهض، المنمي، في كمه وكيفه .. ونحن في رأينا أن المناشط البيعمل فيها الرجل ، والمناشط البتعمل فيها المرأة، كلها بتدخل في التنمية الاجتماعية .. اذا كانت التنمية الاجتماعية غرضها الانسان، فهي انما تنمي المجتمع من أجل أن تنمي الانسان .. فإن المرأة هي البتنجب الإنسان .. فيبقي عملها في انجاب الانسان حقه يدخل فيما نقدمه نحن، وفيما نعطيه وزن – ما نعطيه أجر ان شئت – لئلا تكون المرأة عالة علي المجتمع، وتعتبر انها ماها منتجة .. كأن النظرة موش راح تكون ان المرأة تدخل مع الرجل في منافسة في الانتاج في الحقول، وفي الورش، وانما تعاد النظرة في تقييم انتاج المرأة، كمنتجة للاطفال، وكمربية للاطفال، وكربة للبيت البيأوي ليهو الانسان المنتج في الخارج .. يأوي ليهو الرجل فيلقي فيهو الدفء ويلقي فيهو المحبة، ويلقي فيهو العطف، ويلقي فيهو الفهم .. فالاسرة، مرة ثانية .. قبل ما نصل للفرد ليكون غايتنا لا بد أن يكون عندنا نظرة اعتبار كبيرة جداً للاسرة .. ولو أننا نحن لاحظنا بدقة نجد انه في البداية، وقبل نشأة المجتمع، الفرد كان، والمجتمع لم يكن، ثم الاسرة كانت، والمجتمع لم يكن .. ثم اننا نحن دخلنا، من غير ارادة منا، في دورة كبيرة جداً من تنمية المجتمع، الي أن أصبحنا بنخطط ليهو الآن .. فقد وجب اذن أن نوجهه الآن، وبارادة منا، التوجيه السليم، حتي تعني التنمية الاجتماعية، عناية خاصة، باعادة تكوين الاسرة علي كرامة كبيرة جدا، بحيث لا تكون المرأة هي الخادمة في البيت، وانما تكون المرأة هي الملكة في البيت .. ثم يسير الفرد الذي ننتجه من الاثنين الكريمين ديل ليبرز الي مقام كرامته .. ودا يكون الغرض من التنمية الاجتماعية في توجيه، وتشريع الدين الاسلامي، عائداً من جديد، كما ندعو اليه ..
المتدين موش مغفل، بل مفكر، في قمة الفكر:
في حاجة كثيرة كان يمكن أن تقال في جانب الدين .. في شرح أكثر .. ما أعرف، لكن المقدمة طالت .. اذا كان في أسئلة حوله يمكن نتكلم عنو .. لكن أنا، بطبيعة الحال، داعية الي اعادة النظر في الدين بفهم جديد .. نحن المسلمين يجب أن نفهم ديننا فهم دقيق، ومضبوط، وصحيح .. وسيلتنا ليهو موش المجازفة بالفكر، انما ترويض الفكر بالعبادة الصحيحة، الفاهمة، ليكون غرض الدين تحرير الفكر، وتقويمه .. الفكر هو غرض الدين، كما هو وارد: (وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم.. ولعلهم يتفكرون) .. نحن ما مع الفكر المجازف بدون رياضة، لكن، قولا واحدا، نحن مع الفكر الدقيق، المستقيم، البيتخذ وسيلة العبادة ترويض ليهو .. نحن بنعمل موش ليكون المتدين مغفل، وانما ليكون المتدين مفكر في قمة الفكر، حتي يستطيع أن يوجه كل المناشط البشرية لتكون في خدمة الفرد، ليكون حر، ليكون كريم، ليكون كامل .. اعادة النظر في أمر الدين كانت بتحتاج لكثير من التفصيل، افتكر، لكن المقدمة طالت .. اذا كانت اتجهت ليها اسئلة يمكن أن تجد المحاولة لاجابتها ان شاء الله .. شكرا ..