إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

قضايا كوستي

قضايا كوستي


رأينا فيما تقدم من الحديث، كيف تآمرت الشئون الدينية على حركتنا المباركة، بوسائل من الدس الرخيص والكيد الضعيف..، ورأيناها كيف أطلقت ألسنة أئمتها ووعاظها الجهلة للخوض في أعراضنا من غير ورع ولا حذر، ورأيناها كيف استباحت حرمات المساجد للفتن واغراء السذج بالخروج على الأخلاق، والخروج على القانون، ورأيناها كيف شجعت كاتبا بذيئا وكاذبا، بشراء ألف نسخة من كتابه الحقير بأموال دافع الضرائب المسكين، ووزعتها على معاهدها ومساجدها المختلفة يومئذ في غير حياء ولا خجل، وكما عملت اليوم أيضا على توزيعه بالمساجد على نطاق مدن السودان وبتوجيه من الأئمة المسئولين... وعليه تكون الشئون الدينية قد نشرت على الشعب عن قصد أو عن جهل أو عن كليهما، الكذب وسوء الخلق وسوء الأدب وقلة الحياء الذي طفح به هذا الكتاب البذيء، ومن غير أن تعبأ بمسئولياتها القانونية أو الأدبية تجاه المواطنين.
هذا بالاضافة الى ما حفلت به أقاليمها من سوء الادارة وسوء التصرف، فمكنت من رقاب الشعب مشايخ لا يعرفون حرمة الانسان، فأغروا به وانتهكوا عرضه، ولا يعرفون حرمة القانون، فأهانوه وأغروا به وأخذوه في أيديهم، ولا يعرفون حرمة المساجد، فدنسوها بالضرب واللعن والسباب الفاحش البذيء...
علي هذا وغيره من الاسباب والملابسات التي لا تقع تحت حصر، استغلت الشئون الدينية مركزها الرسمي، فسخرت امكانيات الشعب في الاغراء بنا والاساءة الينا بالتصريح المباشر وبالتعريض والتلميح، مما عمل على خلق جو من التوتر والاستفزاز من حولنا، هيأ ومكن وأعان بعض خفاف الاحلام من أئمة المساجد والوعاظ وغيرهم من التحريض علينا علنا في المساجد وغيرها حتى بلغ بعضهم أن أهدر دماءنا وحرض على قتلنا جهارا نهارا وعلى نحو ما سنري في هذه القضية موضوع هذا الكتاب، ثم أن هذه القضية هي القضية الثانية من مجموع القضايا الأربع بمدينة كوستي والتي رفعناها للقضاء مضطرين، وبعد أن سلكنا كل السبل وألتمسنا كل الوسائل لاقناع خصومنا بأننا طلاب حق نبتغيه في مظانه وننزل عنده حيث وجدناه، وأننا في سعينا هذا نحب كل الناس على اختلاف مللهم ونحلهم، ونود لهم الخير كل الخير، ونبغي فيهم الرشد كل الرشد، ولا يصرفنا عن قصدنا هذا صارف مهما كان، ثم أننا ومن البداهة بمكان لا ننطوي على حقد ولا نحمل ضغينة على أحد خالفنا الرأي، وأن شعارنا المشهور عنا والمرفوع على رؤوسنا ((الحرية لنا ولسوانا)) ليس شعارا متكلفا، وانما هو أمر منبعث من أخلاقنا وطبيعة تفكيرنا، وأننا قد أنفقنا عمرنا نبحث عن الحق ونلتمسه، وندعو اليه بالوسائل المشروعة وفي غير شطط أو مبالغة، فلقينا في سبيله كثيرا من العنت وكثيرا من الأذي، فأحتملنا ولم تلن لنا بفضل الله وعزه قناة، حيث قامت تربيتنا الدينية على احتمال الأذي وكف الأذي، نحتمل أذي الناس ونكف أذانا عنهم ونصلهم بالخير.. وبفضل هذه المجاهدة الصادقة الطويلة في هذا الباب، فقد تأذن الله ففتح باب اقباله على دعوتنا، فأقبل عليها رجال من خيرة الرجال ونساء من خيرة النساء وشباب من أنبل الشباب، فاسترعي حالهم انتباه الانظار فتحركت العقول وانشدّت القلوب، فسر بهم قوم مكرمون وتكدر بهم قوم منكرون، فنعوذ بالله من الحسد الذي يصم الآذان ويعمي الأنظار ويطمس القلوب، فحرك في القوم ثائرات الفتنة، فعملوا على اسكاتنا وتكميم أفواهنا بوسائل العنف والخروج على القانون فصبرنا وثابرنا، وعذرنا جهلهم وعجزهم، ولكن دون جدوى، فقد استغلوا فينا حلم الحليم وكرم الكريم وتمادوا في غيهم وصلفهم حتى أوقدوا نار الفتنة، ولكن الله سلم كما وعد وأوفى حيث قال جل من قائل ((كلما اوقدوا نارا للحرب أطفأها الله)) فمن أصدق من الله حديثا؟
وقد برزت المعارضة المفتعلة في عدد من المدن ولكنها اتخذت طابعا أعنف في مدينة كوستي، حيث اتفق على مكايدتنا، حسدا وعدوانا، جماعة من التجار المعروفين! مع جماعة من الفقهاء المعروفين! فدبروا، ومكروا، ومكر الله، والله خير الماكرين.
ففي مساء الثلاثاء 30/10/1973 وصل وفد الأخوان الجمهوريين الزائر الى مدينة كوستي، وفي نفس المساء أدي الأخوان صلاة العشاء بجامع حي النصر، الذي يقع بالقرب من منزلهم، وبعد الصلاة، قدمت أنا كاتب هذه السطور الأخ جبريل يوسف، فتلا ما تيسر من آي الله البينات، وبعده نهضت نيابة عن الأخوان لأحدث المصلين في أمر الدعوة الاسلامية التي نحن بسبيلها، فبدأت حديثي معرفا الحاضرين بأننا أبناء وتلاميذ الأستاذ محمود محمد طه جئنا لمدينتهم في زيارة نواصل فيها ما بدأناه في شهر رمضان المعظم حيث أنفقنا وقتنا كله في التبشير بالبعث الاسلامي الذي ننتظر، وقبل أن استرسل في حديثي انبعثت أصوات منكرة مقاطعة لحديثي، ثم سرت بعدها وسط الحاضرين همهمة متصلة فرأيت الا أعبأ بها، وحاولت الاستمرار في الحديث ولكنها تعالت وأتخذت طابعا تهريجيا، لا يشرف أحدا مهما كان حظه من الدين، أو من الخلق السوداني، ثم تبع ذلك تهديد ووعيد من أحد التجار المعروفين، بأنه سيلجأ للعنف في اخراجنا إذا لم نخرج من تلقاء انفسنا..، ولما لم يكن من الخروج بد، خرجنا كراما، وفي النفس ألم وفي القلب حسرة، وتكرر في اليوم التالي هذا المشهد وزيادة بجامع عثمان موسى بالسوق، حيث ذهبنا لأداء صلاة الظهر، وتبشير الحاضرين بالبعث الاسلامي الذي ندعو اليه، وننتظره، وبعد صلاة الظهر، قدم الأخ ابراهيم يوسف الأخ جبريل، فتلا ما تيسر من القرآن الكريم، وعند بداية التلاوة صاح امام المسجد الشيخ محمد محمد نور، بعبارة ((أوجز)) فتبعه في ترديدها آخرون، وبعد انتهاء التلاوة المباركة حاول الأخ ابراهيم أن يبدأ حديثه ولم يكد يفعل حتى انقض عليه نفر ممن لا خلاق لهم ولا دين، فأرغوا وأزبدوا وضربوا وخنقوا ولعنوا الآباء، والأمهات وهددوا بالعكاز والسكين وأساءوا بالفاحشة داخل بيت الله! وباسم الدين! فيا لضيعة المساجد ويا لضيعة الدين!! ويا لمصيبة هذا البلد المرزوء بعقوق ابنائه وجهل علمائه!
هذا وقد حاولنا عبثا أن نقول لهم في أنفسهم قولا بليغا، ليرعووا، وليثوبوا الى رشدهم، ولكن هيهات! فقد أخذتهم العزة بالاثم، فازدادوا فحشا وبذاء، وأصرو واستكبروا استكبارا، فتركناهم وخرجنا، ولكنهم بدافع من طبعهم اللئيم، لاحقونا دفعا ولكما وتجريحا.
وفي عصر هذا اليوم وصلنا توجيه من الأستاذ يفيد بتجميد نشاطنا بالمساجد، وأن نصبر عليها حتى حين، فنفوت بذلك الصنيع الفرصة على دعاة الفتنة، لكيلا يذكوا نارها بين الشعب فينقسم على نفسه، ويختلف على مصلحته التي ليس لها من أمين غير الجمهوريين، كما وليس لها من سبيل غير سبيل الدعوة الاسلامية الجديدة...
فتركنا المساجد حسب ما وردنا من توجيه، ثم اتجهنا لتنفيذ بقية برنامج عملنا الذي كان محددا له بعض الأندية.
وفي يوم الجمعة 2/11/73 كانت محاضرتنا بدار الفنانين، وكان موضوع الحديث ((الدين وتحديات العصر)).
بدأت المحاضرة في ميعادها المحدد واستمرت على أحسن حال الى ما يقرب من ثلث الساعة، ثم بدأنا نسمع هتافات معادية، ونري تجمعا متكلفا ومصطنعا، ثم لم نلبث حتى تسور علينا بعضهم حائط الدار، واستلموا زمام الموقف وظلوا يهددون ((الليلة الموت الليلة الدم)) فلم يفلح في اثنائهم عن فعلتهم المنكرة حزم وعزم رئيس الجلسة، حتى وصل البوليس بعد مضي أكثر من نصف ساعة، ظلت فيها تلك الجماعة مسيطرة على الموقف سيطرة تامة..
ونحن الآن لسنا بسبيل تفاصيل ما جرى برابطة الفنانين، فسيكون له وقته، كما أننا بعون الله نعتزم أن ننشر كل شيء عنه للشعب، حتى تكون الحوادث، وخلفياتها واضحة أمام ناظريه... وعليه فنحن الآن فقط بسبيل اعطاء القاريء صورة حية ليتصور أبعاد التآمر، وأبعاد التحريض الذي شمل المدينة، والذي هو موضوع هذه القضية، التي هي موضوع هذا الكتاب، كما وردت الاشارة من قبل، وكنتيجة لهذا الموقف اتصلنا بالأستاذ وأطلعناه، بالاضافة الى ما عنده من تقارير، على حالة التوتر المتزايدة بالمدينة، وطلبنا اليه أن يسمح لنا، درءا للفتنة وحفظا للأمن، برفع قضية ضد الشيخ سعد الدين محمد سالمين الذي تزعم أمر الدعوة الى الفتنة والخروج على القانون، بأحاديثه المتواترة في المساجد والتي ضللت كثيرا من أهلنا السذج البسطاء، وأشاعت بينهم بالمدينة حالة من الفوضى والتوتر وعدم المسئولية، فتكرم الأستاذ بالموافقة.. ثم اتصلنا به مرة ثانية في هذا الصدد، وبعد أن أكدنا تقديرنا التام للموقف، طلبنا اليه أن يسمح لنا أيضا برفع قضية ثانية، ضد الجماعة الذين اعتدوا علينا في محاضرة دار رابطة الفنانين، وما نتج عنها من تهديد الأمن والاخلال به، فوافق الأستاذ أيضا بعد أن أطلعناه على بعض الظروف المحلية بالمدينة، فدعا لنا بالخير وأوصانا بمزيد من الانضباط... وفي صباح السبت الموافق 3/11/73 تقدم الأخ محمد الحسن الطاهر بعريضة لفضيلة القاضي المقيم بكوستي جاء فيها:
السيد القاضي المقيم المحترم
تحية طيبة، وبعد:
أرفع ظلامتي العاجلة هذه ليضع القانون حدا للفوضي، وليحول دون اراقة الدماء وتقتيل الابرياء..
أعرفكم بأني أؤمن بكرامة الانسان وبحقه الطبيعي في الحياة وما يتبعه من حرية الاعتقاد وحرية العمل.. ولهذا فقد وظفت نفسي للدعوة الاسلامية الجديدة التي حمل لواءها الاستاذ محمود محمد طه منذ نيف وعشرين سنة، وظل طيلة تلك المدة يعمل تحت شعاره المعروف ((الحرية لنا ولسوانا)) مؤكدا بذلك حقه الطبيعي في حرية الدعوة وحق العمل في تبيينها، حتى يكون الناس على واضحة من قبولها أو رفضها على نفس الأساس الذي يعمل عليه، والذي أصبح بفضل الله ثم بفضل تقدم الحياة حقا انسانيا قامت من أجل رعايته منظمة حقوق الانسان... وعلى هذا الاساس فاني أعمل مع الأستاذ محمود محمد طه للبعث الاسلامي على هدي فهم جديد للاسلام يواجه مشاكل الحياة المعقدة المتطورة على مستوي الفرد وعلى مستوي الجماعة... ثم أن فهمنا الجديد هذا للاسلام مأخوذ من القرآن العظيم وعمدته السنة، سنة النبي الكريم.. ولما كنا نحرص أشد الحرص على نشر الوعي الاسلامي الصحيح بين أبناء سوداننا الحبيب، فقد ظللنا ندعوهم دعوة مقتصدة، قوامها تقديم الرأي بالحجة الموضوعية والاقناع وبالموعظة الحسنة ((أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن، ان ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين))... ولما كنا أيضا بفضل قوة هذا الفكر، قد وجدنا استجابة كثير من المواطنين، فقد انزعج لذلك سدنة الفهم السلفي بهذه المدينة الحزينة، فوقفوا في طريق دعوتنا، يدفعونها بالعنف، ويكيدون لها كيدا واضحا، متخطين العرف والدين والقانون. ومن أجل ذلك، ومن أجل كرامة هذا الشعب، ومن أجل سلامة أرواحنا فقد أصبحت مضطرا لرفع هذه الدعوة ضد المذكور أعلاه سعد الدين محمد سالمين، حتى يأخذ القانون مجراه فيطفيء ثائرات الفتنة التي أوقد المتهم نارها (1) بالتحريض على قتلنا الجماعي (2) بدعوته العامة لاستعمال العنف ضدنا (3) ثم اثارته للعواطف الدينية مما تهددت بفعله سلامة أرواحنا.. الخ

ثم ذهب الخطاب يفصل بينات الدعوى..
وبعد اطلاع القاضي المقيم على هذه العريضة أحالها للبوليس للاجراءآت الأولية، التي أكدت فيما بعد عن وجود جريمة مبدئية، وكذلك الحال بالنسبة للقضية الثانية... وبينما نحن على تلك الحالة في متابعة الاجراءآت من ناحية، وفي مواصلة ندواتنا بمنازل الأخوان من ناحية أخرى، اذ وصلنا خطاب من الأستاذ، أقام فينا الوزن بالقسط بعد أن أحيا مواتنا وثبت أقدامنا.
وفيما يلي نص الخطاب: -
الي أبنائي بكوستي
الي أبنائي جميعا
لا تكثروا من القضايا فتنصرفوا عن أصل عملكم، وأعلموا أنه مافي الكون غيره – ذلك يقين لا ريب فيه... وما نلقي اليوم من معارضة جاهلة، انما هي صورة اعتراضنا نحن عليه... هو جهلنا نحن يرد علينا لتراه أعيننا ولتستيقنه نفوسنا على قاعدة ((ومن يعمل مثقال ذرة شره يره)) وعلى قاعدة ((كما تدين تدان)) وعلى قاعدة ((التسوي تلقاه))
هذه المعارضة على بشاعتها انما هي صورة اعتراضنا نحن عليه، تجسدت لنا وبرزت بمحض الفضل لتعيننا على التخلص، فاغتنموها الآن، وواجهوا الأصل ولا تشتغلوا عنه بالشبح... ثبتوا وقاربوا واستعينوا بقيام الليل وقيام النهار حتى تلتصقوا بالله، وتتقبلوا عنايته، وترضوا به، هذه هي مشكلتكم وليس لكم مشكلة غيرها، استغلوا هذه المعارضة الجاهلة، وانشغلوا بتخليص أنفسكم من الاعتراض عليه... أعانكم الله عليكم ورضيكم وأرضاكم.
والدكم
محمود محمد طه
11/11/73

وبعد هذا الخطاب العظيم الذي وردنا من الأستاذ، أقبل الأخوان على أنفسهم اقبالا زائدا، منفتحين على عيوب خواطرهم وأعمالهم على نحو أفضل مما كانوا يفعلون قبله، فكدوا وسهروا الليل وشمروا بالنهار، راجين أن يتقبلهم الله عنده مع الصادقين، فوجدوا بفضل الله بركة توجههم حاضرة... فما حزنوا لما أصابهم في سبيله، وما جزعوا وما حقدوا على أحد ممن تعدوا عليهم بالاساءة أو العنف، ثم انصرفوا الى عملهم في التوعية والتبشير الاسلامي، فاقيمت الندوات الكبيرة الحافلة بمنازل الأخوان متتابعة حتى شملت قطاعات كبيرة من المواطنين بالمدينة، هذا وقد اتجهت الندوات في الأساس للدعوة وتبيينها واقتراح المسائل العملية المعينة على السلوك في مضمارها، كما اتجهت أيضا الى نقد السلوك المشين الذي سلكته المعارضة، فبصرت بعيوبه واضراره، على حاضر هذا البلد وعلى مستقبله، ثم أهابت بالمثقفين من أهل الرأي، أن يعملوا عملا ايجابيا يبريء ساحتهم وساحة مدينتهم من ذلك الضرر المعيب، الذي سلكته المعارضة، وهي جماعة غير مسئولة من بين صفوفهم، حتى تنعزل وتواجه مسئوليتها... ثم صار الحال على ذلك حتى وصلنا من الأستاذ التوجيه التالي:-
الابن سعيد واخوانه البررة..
بكوستي
تحيتي ومحبتي
وصلتنا آخر أخباركم، ولله الحمد، فقد أنجز الوفد والاخوان بكوستي أعظم مهمة على خير وجه، وذلك أمر سيكون له ما بعده.
نحن الآن ننتظر حضور الوفد بأول فرصة، وأرجو أن نفاد.
والدكم
محمود محمد طه

ثم عاد الوفد للعاصمة، وترك الاخوان بكوستي على روح عالية من حسن التوجه والاقبال، فواصلوا مسيرة الوفد، وسعوا مساعيه في تسليك الاخوان وتقديم الندوات، وما زالوا كذلك حتى توافدت عليهم الوفود من الخرطوم متتابعة على مدينتهم المباركة تشد من أزر الاخوان وتدفع بالفكرة في مجالات جديدة، ثم لتحد وتضعف من تسلط وتغول معارضة كوستي الجاهلة، وقد كان لها بحمد الله من التوفيق والتسديد ما أرادت، فالحمد لله على ما هو أهله.