إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
لقد رأينا طرفا من عبارات التقديس والتوقير التي يصف به الوهابية ملوكهم، فلتراجع في موضعها، وهم يقولون عن ابن عبدالوهاب (قدس الله روحه) راجع سامي قاسم امين ص 84.. ورغم ذلك يستنكفون ويستنكرون، وصف النبي الكريم بعبارات توقير، أقل بكثير مما يصفون به ملوكهم.. على الأقل لايوجد مسلم يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثلا: جلالة النبي.. ولكنهم، هم يقولونها في حق ملوكهم!! هم ينهون عن مجرد قول عبارة سيد وسيدي، في حق المعصوم، وقد سمعتهم مرات ومرات يستخدمونها، في حق الأيفاع من أمراء آل سعود.. هم يبنون موقفهم أساسا، على قول المعصوم: "لا تعظموني كما تعظم الأعاجم ملوكها" وأحاديث أخرى، تدور في نفس المعنى.. هم يقدسون الملوك أنفسهم، كما تقدس الأعاجم ملوكها، ومع ذلك يعتبرون أنفسهم ملتزمون بالنهي النبوي!! اللهم هذا غباء منقطع النظير!!..
إن كلمة سيد، وسيدي، كلمة أدب عادية، مستخدمة عند كل شعوب العالم، ولا يفهم منها إنسان عاقل أنها تعني رب إلا الوهابية، وفي حق المعصوم والصالحين فقط، أما في حق ملوك الدنيا، فهم لا يجدون أيِّ حرج في استخدامها!! ونحن هنا سنورد بعض النصوص في حق المعصوم وغيره.. عن أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا سيِّد ولد آدم ولا فخر، وأنا اول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة.." وقدروي عن الحسن عن أبي بكرة قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: "إن ابني هذا سيِّد يصلح الله على يديه فئتين عظيمتين".. وهما حديثان مشهوران..
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد فأتى على حمار، فلما دنا من المسجد قال للأنصار قوموا إلى سيِّدكم أو خيركم..) البخاري ـ كتاب المغازي. وكان عمر رضي الله عنه يقول: "أبوبكر سيِّدُنا، واعتق سيِّدَنا، يعني بلالاً" البخاري ـــ فضائل الصحابة..
كون الكلمات تأخذ دلالتها من استخدامها، هذا من الأمور البديهية، ولا يحتاج لكل هذه المماحكة.. ونحن نستخدم لغة واحدة بالنسبة لله تعالى، وبالنسبة لخلقه، والكلمات تأخذ معاني مختلفة في الحالتين.. فكون الله تعالى عالما، لا يمنع أن نستخدم كلمة عالم في حق عبيده.. حتى كلمة رب، يمكن أن تستخدم في حق العبد ويكون الأمر مفهوما بصورة بديهية .. فإذا قيل رب الأسرة، لا أحد يفهم أن المقصود هو الله.. وحتى عندما نستخدم الكلمة مجردة، يكون الأمر مفهوماً، فمثلا قوله تعالى: "يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا.."، واضح من الآية استخدام كلمة رب لغير الله.. ويوجد في الإرصاد الجوية، وظيفة متنبئ، ولا أحد يفهم أنه رجل يوحى اليه، وحتى كلمة وحي نفسها، مستخدمة في القرآن لغير الأنبياء، وهو وحي مؤكد مختلف عن الوحي للأنبياء، وهذا ما يفيده مجرد الاستخدام للكلمة، فمثلا، في قوله تعالى: "وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا" لاتعني أن الله تعالى أرسل جبريل للنحل..
هنالك أمور لابد فيها من التأويل، وعلى رأسها، الأوصاف الحسية، والأوصاف التي تفيد المحدودية في حق الذات الإلهية.. ففي قوله تعالى مثلا: "ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا" إما أن يلتزم الوهابية فهمهم في الأخذ بالظاهر، فيكون المعنى، أن فاقد البصر(أعمى)، في الدنيا، يكون في الآخرة أيضا أعمى، وأضل سبيلاً، وهذا بالطبع واضح البطلان، أو يأخذوا بالتأويل فيبطلوا أساس مذهبهم.. وإذا قيل أن كلمة أعمى تستخدم في اللغة للبصر والبصيرة فكذلك كلمات: وجه، ويد، وساق، كلها يمكن أن تستخدم في اللغة استخدام مجازي..
قرن الشيطان:
معظم الذين ردوا على الوهابية، رفعوا في وجههم، أحاديث نجد وقرن الشيطان، ونحن هنا نورد قول الشيخ سليمان بن عبدالوهاب، لأنه من نجد، ولأنه شقيق محمد ابن عبد الوهاب، فقد قال: "ومما يدل على بطلان مذهبكم، ما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: رأس الكفر نجد المشرق، وفي رواية الإيمان يماني، والفتنة من ها هنا، حيث يطلع قرن الشيطان.. وفي الصحيحين أيضا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وهو مستقبل المشرق: إن الفتنة هاهنا.. وللبخاري عنه مرفوعا: "اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا، اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا، قالوا: وفي نجدنا.. قال في الثالثة هنالك الزلازل والفتن ومنها يطلع قرن الشيطان" كتاب (الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية)..