إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

هؤلاء هم الوهابية

خالد الحاج عبد المحمود


الأدب مع النبي:


غريب أمر الوهابية، يجعلون زيارة النبي صلى الله عليه وسلم، والتوسل به، شرك أكبر، ويقبلون التوسل بالأعمال الصالحة!! مع إنه من البداهة في الدين، أن الأعمال الصالحة، لا تكون صالحة بدون النبي صلى الله عيه وسلم.. العمل الصالح في الإسلام لا يكون صالحاً إلا مع الايمان "الذين آمنوا وعملوا الصالحات" ولا إيمان صالح بدون الإيمان بالنبي، والعمل وفق منهاجه، والأدب معه.. والوهابية يفصلون بين النبي، وما أتى به من منهاج، وهذا من أكبر مظاهر فساد العقيدة عندهم، وهو أمر يجعل العمل بالمنهاج لا جدوى منه، ولا قيمة له.. فمنهاج العمل في السنة، إنما يستمد قيمته من قيمة صاحبه، ولا يقوم بمعزل عنه.. قيمة المنهاج أن يؤدى كطاعة للنبي، تقوم على تصديقه والثقة به، تؤدي إلى طاعة الله.. وطاعة النبي من طاعة الله "من يطع الرسول فقد أطاع الله" أو" إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله، يد الله فوق أيديهم".. فالقيمة ليست لمجرد العمل، وإنما هي للعمل مرتبطاً بالنية الصالحة، التي تقوم على العقيدة الصالحة، التي يعبر عنها العمل.. فالعمل الذي لا تصحبه النية الصالحة، والعقيدة الصالحة، عمل باطل، لا طائل منه.. فالظن بأن الوسيلة هي العمل، دون أن يكون مرتبطاً بالنبي وطاعته كرسول، ظن فاسد ليس له سند، لا من الدين، ولا من العقل.. فالقرآن يقول في أمر الوسيلة: "يأيها الذين آمنوا اتقوا الله، وابتغوا اليه الوسيلة" فالايمان يقتضي العقيدة الصالحة، ومنها العقيدة الصالحة في النبي، والتقوى لا تقوم الا بالعقيدة الصالحة، ومنها العقيدة الصالحة في النبي.. والآية لم تكتف رغم ذلك بالعمل الصالح المتمثل في التقوى، وإنما ذهبت بعد ذكر الإيمان والتقوى إلى المطالبة بابتغاء الوسيلة "وابتغوا إليه الوسيلة" مما يؤكد أن الوسيلة ليست هي مجرد العمل.. وعن ارتباط الإيمان بالتسليم للنبي، يقول تعالى: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً".. هذا هو شرط الإيمان "يحكموك فيما شجر بينهم" من أمور الدنيا وأمور الدين "ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت، ويسلموا تسليما".. فأنت لا تسلم لله إلا إذا أسلمت للنبي، ولذلك؛ فإن عدم الأدب مع النبي، يحبط العمل، وهذا مما يؤكد تأكيداً قاطعاً، إن القيمة في المكان الأول للنبـي لا للعمل بمعزل عنه.. وفي ذلك يقول تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي، ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض، أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون"!؟ مجرد رفع الصوت فوق صوت النبي أو الجهر له بالقول مما يحبط العمل!! فهل بعد ذلك مجال لعاقل، ليشك في أن القيمة الأساسية إنما هي للنبي!؟ وأن العمل إنما يستمد قيمته، من أنه طاعة للنبي، تقود إلى طاعة الله!؟
إن معرفة النبي وتقديسه صلى الله عليه وسلم، وتوقيره، ومحبته، والأدب معه هي الشروط الأساسية، للانتفاع بالعمل الديني، وهي شروط لا تتوفر عند الناس، في مستوى واحد.. فالعقيدة في النبي تقتضي معرفته، ومعرفة مكانته، وفضله علينا.. ومعرفته صلى الله عليه وسلم، معرفة غير متناهية، فهو قد قال: "ماعرفني غير ربي".. وقال:" لي ساعة مع ربي لا يسعني فيها نبي مرسل، ولا ملك مقرب".. فمن يستغنى عن النبي، بمنهاجه أو بأي شيء غيره، إنسان محروم، ملبس عليه، فلا خير، إلا والنبي بابه، وهو الرؤوف الرحيم، وهو قد قال، ضمن ما قال مما ينم على حرصه على أمته: "لا يشتاك أحدكم الشوكة إلا وجدت ألمها"..
وبكل أسف، أصبحت هنالك شبه موضة، في التقليل من قدر النبي الكريم، طالت هذه الموضة بعض الزعماء الذين يتحدثون باسم الدين، وهؤلآء، كما يفعل الوهابية، يصورون المسلمين بأنهم يغالون في تقديس النبي، بالصورة التي تخرجه من البشرية، وهذا غير الحق، والعكس هو الصحيح، هنالك تقصير كبير في توقير النبي، وهنالك سوء أدب معه وجهل كبير بمكانته، وفضله..
والوهابية يستخدمون النصوص الصادرة في حق الكفار والمشركين، في حق المسلمين، وهذا ظلم وبهتان عظيم.. فهم مثلاً، يوردون الآية الواردة في حق المشركين: "وما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى" وينسبون المسلمين إليها، وبالطبع هنالك اختلاف أساسي بين عقيدة المسلمين، وعقيدة المشركين.. كما أن هنالك اختلاف أساسي بين النبي الكريم والأصنام، فالأصنام لا تقرب إلى الله، ولكن النبي يقرب، والمسلم الذي يزور النبي، لا يعبد النبي، ويعلم يقيناً أن العبادة لله وحده..
وكل الأمور التي ينكرها الوهابية، واردة فيها الأحاديث النبوية، وقامت عليها الممارسة، ولكن الوهابية ينكرون النصوص، التي لا تتمشى مع فهمهم، ويضعفون الأحاديث، وهي أحاديث تجد سندها من القرآن.. نحن في ختام حديثنا عن سوء أدب الوهابية مع النبي الكريم، نورد قول أحد زعمائهم في السودان، عن قبة النبي صلى الله عليه وسلم، ودعوته لهدمها..