متن المحاضرة
بسـم الله الرحمن الرحيم
نبدأ حديثنا في هذه الليلة المباركة ، من هذا المعقل المبارك ، لنتحدث عن "الدين والتنمية الإجتماعية" .. وأبادر فأشكر الإبن عوض الكريم ، رئيس هذه الجلسة ، على ترحابه بي ، وبزملائي ، في هذه الزيارة إلى الجامعة الإسلامية .. سيكون حديثنا في موضوع في غاية الأهمية ، موضوع الدين ، وموضوع المجتمع .. وأهمية هذا الموضوع بتنشأ من إنو موضوع بتناول الأصول ، والفروع ، في مسارة البشرية الطويلة نحو هدفها المقدور لها ..
التنمية ، في الوقت الحاضر ، هي المظهر العلمي للتخطيط ، وللتطبيق ، في تنفيذ كل المناشط البشرية التي تقدم الفرد البشري ، وتقدم المجتمع البشري .. ونحن ، في الوقت الحاضر ، نعيش في عصر العلم .. والعلم ، بما قفز في السنوات الأخيرة ، أصبح يواجه الدين ، من حيث هو دين ، بصورة من التحدي شديدة .. بعض الناس يعتقد أن التحدي الذي يواجه به العلم الدين ، أو المفارقة التي بين المفاهيم الدينية والمفاهيم العلمية ، بعض الناس يعتقد أنها جفوة مفتعلة .. ولكن الأمر في هذه المفارقة التي هي مظهر التحدي الذي يواجه به العلم الدين ليست أمراً وهميا ، وانما هي أمر يقتضى الكثير من التفكير ، والكثير من الدقة في الفهم ، والدقة في العبارة ، حتى تصبح المسألة متساوقة ، ومتداخلة ، ومتسقة .. فكر الرجل الديني ، وفكر الرجل العملي ، ليتسق ، ويتخلص من التناقض ، يجب أن يأخذ حظاً كبيراً من الجدية ، ومن الفهم ، ومن الدقة في العبارة ، ومن ترك التعميمات التي يمكن أن تسوقنا إلى طريق مقفول ..
ما معنى التنمية الإجتماعية:
التنمية معناها الزيادة .. التنمية الإجتماعية معناها زيادة المجتمع البشري ، أو العنصر البشري أو ، يمكنك أن تقول ، بتعبير معمم ، زيادة الثروة البشرية - زيادتها في الكم ، وتحسينها في الكيف .. التنمية الإجتماعية معناها تطبيق العلم ، بكل صوره ، في تيسير حياة الإنسان على هذا الكوكب ، وإبراز القوى المودعة في بنيته .. تحسين المجتمع ، وتحسين الفرد ، دا الغرض من التنمية الإجتماعية .. يمكن بالتنمية الإجتماعية أن نعبر عن كل مناشط العلوم في تحسين حياة الإنسان على هذا الكوكب .. علم الإجتماع هو البتشير ليهو عبارتنا بتطبيق العلم .. فعلم الإجتماع مسيطر على العلوم الأخرى كلها ..
يمكن للإنسان أن يقول علم الإجتماع يعنى بالإنسان في هذا الكوكب ، في معيشته الحاضرة والمقبلة .. الإنسان !! من أين جاء ؟؟ وإلى أين هو سائر ؟؟ ما ماضيه؟ وما حاضره؟ وما مستقبله ؟؟ علم الإجتماع ، بالصورة دي ، يستوعب كل العلوم .. وأساساً يرتكز ويهتم ، بعلم الإقتصاد ، لأن الإنسان حيوان إقتصادي .. الإنسان عنده حاسة جمع القوت ، وتدبير القوت ، وتوفيره ، ذلك لأنه عاش ، في الزمن الطويل ، في خوف شديد من مستقبله دائماً .. وأكبر الخوف البننطوي نحن جميعاً عليهو هو الخوف من مصدر الرزق بكره ، من مصدر الرزق في المستقبل ، وكل الحيوانات بطيبعة الحال حيوانات إقتصادية ، تختلف في مدى إهتمامها بالإقتصاد .. أعلى مثل للحيوان الإقتصادي يمكن يكون النملة والنحلة .. الإنسان في بابه هو أيضاً حيوان إقتصادي ، لكن الإنسان لا يسير بطريق النملة والنحلة ، وإنما هو يسير بطريق داخل فيهو فكره ، داخلة فيه القوى الكبيرة المودعة فيهو ، والتي تجعل القوت وسيلته لحياة فيها حرية ، فيها كرامة ، فيها عقل وعلم ، وفيها متعة كثيرة ، ومتساوقة بإستمرار ، ومتسعة بإستمرار .. وحين تكون النملة والنحلة حشرات إقتصاديات تدبر القوت لتأكل لتعيش بدوافع من غريزة الإحتفاظ بالحياة ، يدبر الإنسان القوت ليعيش ليحقق بمعيشته معاني لا تخطر على بال جميع مستويات الأحياء على الكوكب ، وإنما هي قيم إنسانية .. التنمية الإجتماعية تقوم على تنمية المجتمع في أفراده ، وتقوم على تحسين نوع الأفراد .. وعظم الظهر في مسألة التنمية الإجتماعية هي التنمية الإقتصادية .. والتنمية الإقتصادية هي تخطيط ، وتنفيذ .. تخطيط وفق علم ، وتنفيذ وفق هذا العلم ، وذلك ليصبح الإنسان عايش في وفرة .. وفي الوقت الحاضر ، بطبيعة الحال ، نحن عندنا في عالمنا النظم الإشتراكية ، والنظم الرأسمالية .. يمكن الإنسان أن يقول إنو التخطيط ظاهرة من ظواهر النظم الإشتراكية .. النظم الرأسمالية ماخدة نصيبها من التخطيط ، لكنه كأنما تسرب إليها من النظام الإشتراكي ..
بدايات صور الأشياء:
لو أخذنا الأشياء من أوائل نشأتها يبدو إنو المسألة بتظهر لينا بصورة متساوقة .. في حقيقة الأمر التنمية الإجتماعية ما ها وليدة العصر الحاضر ، إلا بمعنى أن مجهود البشر كله ماشي ليتجمع ، ويستقطب ، ويظهر بصورة علمية بارزة .. لكن منذ أن نشأ الفرد البشري ، فكر ، وإتجه ، لإنشاء المجتمع معاهو .. ويمكن أن نشوف علم الإجتماع ناشئ في البدايات بصورة كبيرة .. ولعله لو أخذناه من البدايات وجينا ليهو في الوسط ، وقفزنا بيهو في المدى اللي هو ماشئ ليهو ، تكون الصورة أظهر لينا .. نحن قلنا إنو علم الإجتماع يعني بالإنسان ـ معيشته الحاضرة في هذا الكوكب !! ماضيه من أين جاء ؟؟ ومستقبله إلى أين هو ذاهب ؟؟ وعند نشأة المجتمع ، بعيد أن ظهر الفرد البشري ، المعلومات ما كانت بتتوفر كثيرة ليعرف الانسان الإجابات على جميع الأسئلة المطروحة .. كان الإنسان بيهتم باللحظة الحاضرة ، لأنو كان مشدود إلى خطر كبير ، خطر من العدو ، خطر من الجوع ، خطر من المرض ، خطر من الموت .. خوف يحتوشه من جميع وجوهه ، ويشده إلى أن يهتم بحاضره .. لكنه ، مع ذلك ، كان عنده شعور دائماً بيدفعه إلى إنو هو ماشي إلى مستقبل مجهول .. هذا المستقبل تطالعه منه صور .. الصور ، إلى حد كبير ، جات بيها الأحلام .. يعني الإنسان عرف إنو بموت ، من الوهلة الأولى .. عرف إنو بموت ، وما عنده شك في دا .. شاف إنو الموت ما هو نهاية لحياته في هذا الكوكب .. ذلك لأنه رأي في أحلامه أهله البموتو ، رآهم بيعملوا في حيز معين ، بيعملوا أعمال قريبة مما كانوا بيعملوا فيها عندما كانوا أحياء معاهو .. شعر بأن هناك حياة أخرى .. الحياة الأخرى دي صحبت المجتمعات المتخلفة ، وأثرت في طريقة تفكيرن ، وطريق عاداتن ، وطريقة أوضاعن .. ودي كانت مؤكدة عندهم بصورة لا شعورية ، يمكنك أن تقول .. كانوا متأكدين أنهم هم ، بحياتهم الحاضرة ، ماشين ليموتوا ، لكن الموت ليس نهاية حياتهم .. ثم إن الإنسان ، ليحتفظ بحياته ، إضطر ليخترع مسائل كثيرة ، منها الآلة ، زي ماهو معروف عندنا ، لكن أهم شئ إخترعه الفرد ، من بدايات حياته ، هو المجتمع ..